لم يتردد علي عمار، أحد الدعامات الأساسية في تجربة «لوجورنال» السابقة، في تسمية الأشياء بمسمياتها في بوح جريء في كتابه «مولاي هشام.. مسار طموح غير مضبوط»، وفي رواية أخرى «غير متزن»، الصادر عن دار النشر الفرنسية «بيير غيوم دو رو».
عبر صفحات هذا الكتاب، الذي شغل المجتمع الإعلامي، كشف علي وجها آخر للأمير وقلب أوراقا قديمة لعلاقة توقفت بتوقف المنبر الإعلامي الذي كان يحتضن مولاي هشام وينشر غزواته.
وتطرق علي عمار في تجزيئ دقيق لحياة الأمير الأحمر إلى مواقف و حكايات من حياة شريكه إذ لم يغفل منها حتة التفاصيل الصغيرة، نذكر منها علاقته بالخدم و التي تبين الوجه الآخر لصديقه القديم.
و ركز عمار على حوار كان قد أجراه مع طباخ للأمير ينحدر من مدينة عين عودة التابعة ترابيا لعمالة الصخيرات تمارة و التي كان ينوي مولاي هشام بناء مدينة إكولوجية بها قبل أن يتدخل القصر لوأد هذاالمشورع و تعويضه بمدينة الفردوس.
ففي المحور المتعلق بأسباب تصدع علاقات الأمير مولاي هشام بمحيطه، يثير علي عمار الوجه الآخر للرجل الحقوقي الذي يدافع عن حقوق الإنسان في وسائل الإعلام وفي المناظرات التي يحضرها أو يؤطرها، مقابل تعامل يفتقد الحد الأدنى للإنسانية مع الخدم الذين يشتغلون في ضيعته.
يقول عمار وهو يتحدث عن رجل أنهكته التجارب القاسية يدعى مبارك زويتينة، (لا ندري ما إذا كان زويتينة مجرد اسم شهرة لخادم الأمير أو اسما عائليا مدونا في دفاتر الحالة المدنية):
«عانى مبارك من طريقة تعامل فيودالية خلال فترة اشتغاله كطباخ لمولاي هشام، لكنه ظل بعيدا عن الأضواء يعاني في صمت كغيره من الخدم.
حالة امبارك زويتينة غير معروفة لكنها تكشف عن الوجه الآخر للعملة، فهو ليس مجرد عون من أعوان الضيعة بل رجل مهنة بامتياز، كان مقترحا لمهمة طباخ رئيسي من طرف شخص فرنسي الجنسية شغل منصب مدير عام فندق هيلتون بالرباط في الفترة ما بين 1975 و2009، لكن امبارك رفض العمل في الفنادق وأصر على الاستمرار في مطبخ عائلة الأمير مولاي عبد الله شقيق الملك الحسن الثاني، الذي كان رجل ثقته في المطبخ، وحين توفي الوالد أصبح امبارك طباخا بالوراثة لابنه هشام الذي كان يعيش حياة الترف والبذخ، محاطا برجال حراسة أشداء، خلافا لما كان يردد في الصحافة العالمية والوطنية حين يقدم صورة قاتمة عن أحواله المعيشية ويدعي أن الحسن الثاني «ينكد» معيشته.
كان مبارك يشعر بالمرارة وهو يقضي أيامه في الضيعة ويعاين سوء المعاملة التي يلقاها هو ورفاقه، وقال في حوار أجراه مع علي عمار سنة 2014 إن الأمير عاقبه بطريقة بشعة حين حلق له شعر رأسه ب»ماكينة» تستخدم في جز وبر الحيوانات، وليس شفرة حلاقة للآدميين، وطلب منه الجلوس القرفصاء أمام قدميه أثناء مأدبة دعا إليها بعض أصدقائه في ضيعة عين عودة والتقط لي صورا. كان ذلك يوم 24 أبريل 1994».
يكتمل سيناريو الألم حين ينتهي المطاف بزويتينة عند حافة الفقر وهو الذي قضى أزهى حياته طباخا في قصور وضيعات الأمير مولاي عبد الله، لكنه اليوم يعيش ما تبقى من حياته في كوخ حقير بحي هامشي في مدينة سلا بعيدا عن الأضواء في حالة اكتئاب يقتات من جود وأريحية بعض المحسنين، وهو يقارن بين الأمس واليوم.
لكن المثير في قصة هذا الطباخ، هو ما أورده علي عمار في الصفحة 38 من كتابه، إذ يقدم رواية لزويتينة تكشف مدى استخفاف الأمير بالخدم الذين وضعوا تحت إمرته، وبعض السلوكات الغريبة التي تتنافى ومنطوق الخطاب الحقوقي للأمير.
«يقول مبارك: «كنا نستحمل كل أنواع الاحتقار والنذالة تلبية لرغبته في الترويح عن النفس خلال جلساته الترفيهية، كأن يحول بعضنا إلى هدف لهواية القنص التي يمارسها داخل الضيعة بالرصاص المطاطي، أو حين يرمي بعضنا في المسبح بلباسه ويتركه يصارع من أجل الانعتاق وسط قهقهات ضيوفه».
لكن أكثر المواقف بشاعة وغرابة في رواية زويتينة، ما كشف عنه من سلوكات غير سوية صادرة عن الأمير، حين قال: «كان مولاي هشام يجد متعة وهو يكاد يموت من الضحك عندما يضع أصبعه في مؤخرة بعضنا مصرا على تكرار هذا الفعل الغريب بين مستخدميه». وتبلغ السادية أعلى درجاتها حين يجد الأمير متعة، حسب نفس الرواية، وهو يتفرج على معاناة مستخدميه بعد أن يصب على أجسادهم ماء ساخنا، خاصة الأعضاء الحساسة من الجسم، ويجبرنا على التعري أحيانا أمام ضيوفه الذين يتابعون المشهد وهو في قمة الاستمتاع»، يقول مبارك الذي أنهى سنوات عمله مطرودا من سكن كان مخصصا له وغادره مقابل تعويض مالي قدره مليون سنتيم، حسب رواية عمار.
Source : temara24